كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهكذا أورده أيضا الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة: 1/ 385- 390، باب ما وجد من صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم مقرونة بصورة الأنبياء قبله بالشام، عن الحاكم إجازة، فذكره، وإسناده لا بأس به.
وذكر أبو نعيم في الدلائل: 1/ 50- 56، بنحوه وقال في آخره: قال الشيخ رضي الله عنه: ففي هذه القصة علم أهل الكتابين بصفة نبينا صلى الله عليه وسلّم، وباسمه، وبعثته.
وانتفاض الغرفة حين أهلّوا بلا إله إلا الله، وما يوجد من المعجزات بعد موت الأنبياء، كما يوجد أمثالها قبل بعثتهم، إعلاما وإيذانا بقرب مبعثهم ومجيئهم. المرجع السابق.
وأما شرف أصله، وتكريم حسبه ونسبه، وطيب مولده فخرج مسلم والترمذي من حديث الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد، أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقال الترمذي: واصطفى هاشما من قريش، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وخرج الترمذي من حديث محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد خرج الفسوي من حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد ابن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله اختار العرب، ثم اختار منهم كنانة أو النضر بن كنانة، ثم اختار منهم قريشا، ثم اختار منهم بني هاشم...»، وهو حديث مرسل.
وله أيضا من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن العباس رضي الله تعالى عنه قال: قلت: «يا رسول الله إن قريشا إذا التقوا، لقي بعضهم بعضا بالبشاشة، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها!! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند ذلك غضبا شديدا ثم قال: والّذي نفس محمد بيده، لا يدخل الجنة قلب رجل الإيمان حتى يحبكم للَّه ولرسوله، وقلت: يا رسول الله، إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كناس الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن الله عز وجلّ يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم، ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين، ثم حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة، ثم جعلني حين جعل البيوت في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا»، وخرج الترمذي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث عن العباس بن عبد المطلب، قال: قلت: «يا رسول الله! إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كناسة الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم خير القبائل، فجعلني في خير القبيلة، ثم في خير البيوت، فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا». انفرد به الترمذي وقال: هذا حديث حسن، وعبد الله بن الحرث هو ابن نوفل.
ورواه أبو نعيم عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد، فزاد في إسناده: المطلب ابن أبي وداعة. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث بن نوفل، عن المطلب بن أبي وداعة قال: قال: قال العباس: «بلغه صلى الله عليه وسلّم بعض ما يقول الناس، قال: فصعد المنبر فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فريقين فجعلني في خير فرقة، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا».
وقد خرجه الترمذي من حديث أبي عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث قال: حدثني المطلب بن ربيعة «أن العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم مغضبا وأنا عنده فقال: ما أغضبك؟...» فذكر نحوه وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قال: ورواه جرير عن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث عن المطلب بن ربيعة وهو الصواب. قال كاتبه: وهكذا رواه يزيد بن عطاء عن يزيد بن أبي زياد كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وخرج أبو بكر بن أبي شيبة من حديث ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث، عن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال: «بلغ النبي صلى الله عليه وسلّم أن قوما نالوا منه وقالوا له: إنما مثل محمد كمثل نخلة تنبت في كناس، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقال: إن الله خلق خلقه فجعلهم فرقتين، فجعلني في خير الفرقتين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلا، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إني خيركم قبيلا وخيركم بيتا». قال البيهقي:
كذا قال عن ربيعة بن الحرث، وقال غيره: عن المطلب بن ربيعة بن الحرث، وابن ربيعة إنما هو عبد المطلب بن ربيعة له صحبة، وقد قيل: عن المطلب بن أبي وداعة. ثم ذكر حديث أبي نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عبد المطلب بن أبي وداعة قال: قال العباس: «بلغه بعض ما يقول الناس...»، وفي رواية: عن عبد المطلب بن أبي وداعة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم- وبلغه بعض ما يقول الناس- فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فريقين فجعلني في خير فرقة، وجعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا»، وخرجه الإمام أحمد من حديث حسين بن محمد، حدثنا يزيد بن عطاء عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال: «أتى ناس من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلّم فقالوا: إنا نسمع من قومك حتى يقول القائل منهم: إنما محمد مثل نخلة تنبت في كنا، قال: حسين: الكنا، الكناسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أيها الناس! من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: فما سمعناه ينتمي قبلها إلا أن الله خلق خلقه فجعلني في خير خلقه، ثم فرقهم فرقتين فجعلني في خير الفريقين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا»، وخرجه الترمذي من حديث سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث، عن عبد المطلب بن أبي وداعة قال: «جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكأنه سمع شيئا فقام النبي فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فريقين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا». انفرد به الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وللفسوي من حديث قيس عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله عز وجل خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهم قسما، وذلك قوله: {لِأَصْحابِ الْيَمِينِ} 56: 38، {أَصْحابُ الشِّمالِ} 56: 41، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا.. فجعلني في خيرهم ثلثا، فذلك قوله عزّ وجلّ: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ}{وَالسَّابِقُونَ} 56: 10، فأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قول الله عز وجل: {وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ} 49: 13، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرهم، بيتا، فذلك قوله عز وجل: {إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} 33: 33، فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب»، وخرج البيهقي من حديث محمد بن ذكوان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: «إنا لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلّم إذ مرت. امرأة، فقال بعض القوم: هذه ابنة رسول الله، فقال أبو سفيان: مثل محمد في نبي هاشم مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلّم، فجاء يعرف في وجهه الغضب فقال: ما بال أقوال تبلغني عن أقوام؟! إن الله عز وجل خلق السموات سبعا، فاختار العلياء منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق واختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم»، وخرج البخاري من حديث عبد الواحد، أنبأنا كريم بن وائل، حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلّم- زينب بنت أبي سلمة- قالت: قلت لها: «أرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم أكان من مضر؟ قالت: فممّن كان إلا من مضر؟ من بني النضر بن كنانة».
وقوله: {وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسائَلُونَ به وَالْأَرْحامَ إِنَّ الله كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وما ينهى عن نسب الجاهلية، حديث رقم: [3491]، حدثنا قيس بن حفص، حدثنا عبد الواحد، حدثنا كليب ابن وائل قال: حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلّم زينب ابنة أبي سلمة قال: «قلت لها: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم أكان من مضر؟ قالت: فمن كان إلا من مضر؟ من بني النضر بن كنانة».
وحديث رقم [3492]، حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا كليب، حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلّم- زينب- قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الدّباء، والختم، والمقيّر، والمزفّت، وقلت لها:
أخبريني، النبي صلى الله عليه وسلّم ممن كان، من مضر كان؟ قالت: فممن كان إلا من مضر؟ كان من ولد النضر بن كنانة»
.
قوله: «مضر»، هو ابن نزار بن معد بن عدنان، والنسب ما بين عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم مختلف فيه كما سيأتي، وأما من النبي صلى الله عليه وسلّم إلى عدنان فمتفق عليه، وقال ابن سعد في الطبقات:
حدثنا هشام بن الكلبي قال: علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: محمد بن عبد الله.
ولأبي داود الطيالسي من حديث حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة السلمي عن مسلم بن هيضم عن الأشعث بن قيس قال: قلت: «يا رسول الله، إنا نزعم أنا منكم أو أنكم منا؟ فقال: نحن من بني النضر بن كنانة، لا ننتفي من أبينا ولا نقفوا أمنا، قال: فقال الأشعث: لا أوتي برجل نفي رجلا من قريش من النّضر بن كنانة، إلّا جلدته الحد».
وقال أبو محمد عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي: حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام قال: «بلغ النبي صلى الله عليه وسلّم أن رجالا من كندة يزعمون أنه منهم، فقال: إنما كان يقول ذاك العباس وأبو سفيان بن حرب إذا قدما المدينة ليأمنا بذلك، وإنا لن ننتفي من آبائنا، نحن بنو النضر بن كنانة، قال: وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: أنا محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، ابن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤيّ، بن غالب، بن فهر، ابن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، ابن مضر، ابن نزار، وما افترق الناس فريقين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوين فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية، خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي، فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا». قال البيهقي: تفرد به أبو محمد عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، وله عن مالك وغيره أفراد لم تتابع عليها.
قال كاتبه: قال ابن عدي: عن عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة بن مظعون أبو محمد المصيصي، عامة أحاديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ما تبين لي من رواياته واضطرابه، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما.
وخرج البخاري من حديث قتيبة بن سعيد، أنبأنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الّذي كنت فيه». ذكره في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلّم، وخرج البيهقي من حيث عمرو بن عبد الله بن نوفل عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال لي جبريل عليه السلام: قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم»، وخرج البخاري من حديث شعبة، حدثني عبد الملك عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالي: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى} 42: 23، قال: فقال سعيد بن جبير:
قوله: «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا»، القرن الطبقة من الناس المجتمعين في عصر واحد، ومنهم من حدّه بمائة سنة، وقيل بسبعين، وقيل بغير ذلك. فحكى الحربي الاختلاف فيه من عشرة إلى مائة وعشرين، ثم تعقب الجميع وقال: الّذي أراه أن القرن كل أمة هلكت حتى لم يبق منها أحد، وقوله: «قرنا» بالنصب على الحال للتفصيل، وفي رواية الإسماعيلي: «حتى بعثت من القرن الّذي كنت فيه». قربي محمد، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة، فنزلت عليه فيه إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم. ذكره في باب قوله تعالي: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ من ذَكَرٍ وَأُنْثى} 49: 13.
وخرجه في التفسير من حديث شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، سمعت طاووسا يقول: عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى} 42: 23 فقال سعيد وقد جزم بهذا التفسير جماعة من المفسرين، واستندوا إلى ما ذكرته عن ابن عباس من الطبري وابن أبي حاتم، وإسناده واه فيه ضعيف ورافضي.
وذكر الزمخشريّ هنا أحاديث ظاهر وضعها، وردّه الزجاج بما صح عن ابن عباس من رواية طاووس.
وقد روى سعيد بن منصور من طريق الشعبي قال: أكثروا علينا في هذه الآية فكتبت إلى ابن عباس أسأله عنها، فكتب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان واسط النسب في قريش، لم يكن حيّ من أحياء قريش إلا ولده، فقال الله: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى} 42: 23 تودوني بقرابتي منكم، وتحفظوني في ذلك.
وقوله: {القربى}، هو مصدر، كالزلفى والبشرى، بمعني القرابة، والمراد في أهل القربى، وعبّر بلفظ في دون اللام كأنه جعلهم مكانا للمودة ومقرا لها، كما يقال: في آل فلان هوى، أي هم مكان هواي، ويحتمل أن تكون في سببية، وهذا على أن الاستثناء متّصل، فإن كان منقطعا فالمعني لا أسألكم عليه أجرا قط، ولكن أسألكم أن تودوني بسبب قرابتي فيكم. فتح الباري: 8/ 724- 726 باختصار من شرح الحديث رقم [4818] من كتاب التفسير.
ابن جبير: قربي آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
وخرج أبو نعيم من حديث ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لم يلتق أبواي على سفاح، لم يزل الله ينتقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة، مصفى مهذبا، ولا يتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما» وخرج البيهقي في سننه من حديث هشيم، حدثنا الملالي أو المليلي، أو كما قال عن أبي الحويرث عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية، ما ولدني إلا نكاح كنكاح أهل الإسلام». قال أبو نعيم: ووجه الدلالة في هذه الفضيلة أن النّبوّة ملك وسياسة عامة، وذلك قوله تعالي: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله من فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} 4: 54، والملك في ذوي الأحساب والأخطار من الناس، وكلما كانت خصال فضله أوفر كانت الرعية بالانقياد له أسمع، وإلى طاعة مطيعة أسرع.
وإذا كان في الملك وتوابعه نقيصة، نقص عدد أتباع رعيته، ففي اختيار الله له صلى الله عليه وسلّم أن أمده بكل ما بالملوك إليه حاجة، ليدعو الناس إلى اتباعه، ولذلك قال قوم شعيب: {ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفًا وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ} 11: 91. الآية، وقال فرعون لموسى: {أَنَا خَيْرٌ من هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ} 43: 52، فأزرى فرعون به ليثبط بذلك القوم عن اتباعه، حتى شكا موسي إلى الله تعالي وسأله أن يحل العقدة عن لسانه ليفقهوا قوله، وقال: {وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} 28: 34، فدل ذلك على أن الملك لا يجعل إلا في أهل الكمال والمهابة، وهاتان الخصلتان لا توجدان في غير ذوي الأحساب.